نشرت اندبندنت : السبت 5 مارس 2022م

انتقلت “حمى” الحرب الروسية – الأوكرانية إلى الجزائر، وباتت تشغل الرأي العام المحلي على مستويات عدة، بعد منشور لسفارة أوكرانيا يطلب تجنيد جزائريين للمواجهة ضد روسيا، وعلى الرغم من إسراع كييف إلى سحب البلاغ، فإن الاحتقان يصنع الحدث في البلاد.

منشور واحتواء

سيطرت الدعوة الأوكرانية على النقاشات التلفزيونية والصحف المكتوبة والإلكترونية، وباتت حديث الجزائريين في الشارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ما جعل مختلف الأطراف تصفه بـ”الاستفزاز” الذي يجب الرد عليه باستدعاء الخارجية الجزائرية السفير الأوكراني.

ولم تمضِ ساعات حتى أقدمت سفارة أوكرانيا بالجزائر على سحب المنشور، مقابل “غياب” رد فعل رسمي من السلطات الجزائرية، سواء عبر التصريح، أو إصدار بيان، غير أن وسائل الإعلام المحلية أشارت إلى أن وزارة الخارجية الجزائرية أمرت السفارة بسحب المنشور فوراً، بعد أن اعتبرته انتهاكاً واضحاً لأحكام اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية بين الدول.

وقالت إن السلطات الجزائرية اعترضت على نشر السفارة الأوكرانية نداءً، كانت قد وجّهته الحكومة الأوكرانية لتسجيل واستقبال متطوعين جزائريين وأجانب للقتال إلى جانب القوات الأوكرانية ضد القوات الروسية، وأبرزت أن الخطوة يمنعها القانون الجزائري الذي يجرم تجنيد الجزائريين في القوات المسلحة في أية منطقة أو دولة من العالم.

تجاوز الحدود الدبلوماسية

وتعليقاً على ما حصل، يقول أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، رابح لونيسي، إن ما قامت به السفارة الأوكرانية “أمر خطير يتجاوز الحدود الدبلوماسية، لكن ما فعلته لم يأتِ من فراغ، حيث يعتقد الغرب أنه بإمكان تحويل أوكرانيا إلى أفغانستان جديدة بالنسبة إلى روسيا”، متسائلاً حول الدافع لإنسان جزائري أن يذهب للقتال في أوكرانيا.

وتابع أن الغرب يفكر في تجنيد مرتزقة مستغلاً البطالة، أي تقديم أجور عالية مقابل خدمة القتال، كما أن هناك تفكيراً يدور في خلد بعض الاستراتيجيين الغربيين ويتمثل في دفع الإرهابيين للذهاب إلى أوكرانيا بغية زرع الفوضى، معتقدين أن بإمكان ذلك أن يسمح لهم بإعادة نشر هذه الجماعات الإرهابية، لكن في حدود إمكانية مراقبة كل شيء، وعندما ينهار الروس سيتم القضاء عليهم.

أما بخصوص تأثير “التصرف” على علاقات الجزائر بأوكرانيا، يستبعد لونيسي ذلك، ما دام تم سحب المنشور، مشيراً إلى أن بلاده تحاول تجاوز المسألة واحتواءها كي لا يعتبر الغرب أنه موقف لصالح روسيا، في الوقت الذي تلتزم فيه الجزائر بموقف الحياد الإيجابي من هذه الحرب.

خطوة باتجاهين

من جانبه، يعتبر الأكاديمي بن مصطفى دحو، أن الخطوة يمكن تفسيرها في اتجاهين، أولاً هي محاولة تدويل القضية الأوكرانية وحشد المجتمع الدولي ضد روسيا، وتحويلها إلى قضية إنسانية يتأسس حولها الحق في إدانة العدوان وجلب التعاطف، فحين يسقط قتلى من المتطوعين فإن ذلك يصعد كراهية المجتمع الذي ينتمي إليه المتطوعون تجاه روسيا، أما الاتجاه الثاني فهو السعي إلى تفكيك التحالف التقليدي بين روسيا والجزائر وخلق توتر في العلاقات الثنائية بينهما.

ويستبعد دحو، أن يؤثر “التصرف” على العلاقات الثنائية، سواء بين الجزائر وروسيا أو الجزائر وأوكرانيا، على اعتبار أن الدولة الجزائرية تحاول الدفاع عن حيادها واستقلالية قرارها، ولا تريد بلورة مواقفها على أساس السياق الدولي.

طرد السفير

في المقابل، يرى أستاذ العلاقات الدولية، مبروك كاهي، أن ما قامت به سفارة أوكرانيا بالجزائر ليس عفوياً، بل هو مخطط وقد تكون وراءه أجهزة غربية، حيث حدث نفس الفعل في دول عدة، غير أن دولاً أخرى بما فيها الغربية لم تشهده، لذا وجب التساؤل: لماذا الجزائر؟ مشدداً على أن الخطوة ستؤثر على العلاقة بين البلدين بكل تأكيد، لأن سفارة أوكرانيا لم تحترم القوانين الجزائرية، في تعدٍّ صارخ على السيادة الوطنية.

وقال، “بحسب رأيي ستنتظر الخارجية الجزائرية انتهاء الأعمال العسكرية لتُسائل السفارة وتضعها أمام مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية، وقد تصل إلى حد طرد السفير باعتباره لم يعد مرغوباً فيه”.

ويواصل كاهي، أن سفارة أوكرانيا بمنشورها “تبحث عن مرتزقة للقتال على أراضيها مقابل دفع مبالغ وامتيازات كالحصول على الجنسية”، مشيراً إلى أن الأمر من تدبير استخبارات غربية تريد توريط الشباب الأفريقي وبعض الدول في اللعبة.

زيلينسكي يدعو إلى لواء دولي

من جهة ثانية، دعا الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بعد بداية الغزو الروسي لبلاده، الأجانب على التوجه إلى السفارات الأوكرانية في جميع أنحاء العالم للانضمام إلى “لواء دولي” من المتطوعين للمساعدة في محاربة القوات الروسية الغازية.

وقال في بيان، إن “كل الأجانب الراغبين في الانضمام إلى المقاومة ضد المحتلين الروس، وحماية الأمن العالمي، مرحب بهم من قبل القيادة الأوكرانية، للحضور إلى دولتنا والانضمام إلى صفوف قوات الدفاع الإقليمية”.

وأضاف أنه “يجري تشكيل وحدة منفصلة من الأجانب، يطلق عليها اللواء الدولي، للدفاع عن أراضي أوكرانيا، ستكون هذه شهادة رئيسة على دعمكم لبلدنا”، مبرزاً أن “أي شخص مهتم بالانضمام إلينا، يجب أن يتصل بالملحق العسكري في أقرب سفارة أوكرانية”.

لمصدر : اندبندنت بالعربية  نعيد النشر ونحفظ حق الناشر بالإشارة وامكانية الوصول

By Editor

Leave a Reply